| ||||||||||||||||
السماوات السبع... ومن الارض مثلهن!
|
سورة فُصِّلتْ | |
10 | |
11 | |
12 |
(وجعل فيها رواسي من فوقها... ثم استوى الى السماء وهي دخان... فقضاهن سبع سموات) وكل هذا بالترتيب.. السماوات السبع خُلقت "بعد" الجبال في الارض! لا يوجد جبل صخري واحد على سطح الارض عمره الكربوني أكثر على 200 مليون سنة، وهذا دليل على ان السماوات السبع لا يزيد عمرها على 200 مليون سنة فقط.. ملاحظة: المقصود بالجبال هو الجبال الصخرية وليس الجبال الطينية التي تتكون من صخور رسوبية، الجبال الطينية كانت موجودة من قبل.
"وجعل فيها رواسي من فوقها" -- كلمة (رواسي) نكرة، بما يعني ان ليس كل الجبال نشأت فوقها في نفس الوقت قبل ان يستوي الى السماء ويقضيها سبع سماوات، وإنما شيئا منها.. نشأة الجبال الصخرية اخذت فترة طويلة جدا حتى اكتملت، الى قبل 50 مليون سنة تقريبا، ولكن البداية كانت قبل 200 مليون سنة.
في آية أخرى: "وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ
تَمِيدَ بِكُمْ" - (النحل 15)، كلمة "ألقى" تدل على ان صخور الجبال ألقيت فيها
من السماء، ثم جعلها جبالا، "وجعل فيها رواسي من فوقها".. هذا القول لا يتفق
مع النظريات العلمية السائدة، وان الارض كانت فيها جبال ثم اعادت تدويرها. في غياب
الدليل المادي، الكلام والتنظير يبقى مجرد رأي فقط.. تقول الاية ان صخور الجبال
ألقيت من السماء، فهل لديك الدليل المادي الذي يثبت غير ذلك؟ النقطة الاخرى
المستفادة من هذه الاية هي رد على من يقول بأن الارض خُلقت أولا، ثم باقي الكون كله
خُلق ثانيا في يومين، بناءا على تفسيرهم للاية "ثم استوى الى السماء وهي دخان...
فقضاهن سبع سماوات في يومين"
يقول ابن عاشور
في تفسير الاية "وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ
بِكُمْ" -- "ولَعَلَّ أصْلَ تَكْوِينِ الجِبالِ كانَ مِن شَظايا رَمَتْ بِها
الكَواكِبُ فَصادَفَتْ سَطْحَ الأرْضِ" - الشاهد من هذا الاقتباس هو ان الجبال
تكونت من صخور سقطت من السماء، أي انه كان يوجد شيئ في الفضاء قبل خلق الارض. هذا
الشيئ انتج صخور سقطت على الارض فصنعت الجبال. وبعد ان ألقى فيها رواسي ان تميد
بكم، خلق السماوات السبع في يومين، وليس كما يتوهم البعض ان الارض خُلقت أولا، ثم
الكون كله بما فيه من مجرات ونجوم وكواكب خلقُ ثانيا في يومين!
وبما ان الارض لم تكن أول جرم سماوي يخلقه الله، فمن المنطق الافتراض انها لن
تكون آخر جرم سماوي يفنيه الله، أو بعبارة أخرى، سيكون يوم القيامة في المجموعة
الشمسية فقط، وليس في الكون كله. سيأتي الحديث عن هذه النقطة لاحقا.
توجد آيات تصف النجوم والكواكب بأنها زينة السماء الدنيا،
فافترض البعض ان النجوم تقع تحت السماء الدنيا، "ولقد
زينا
السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين" ، "إنّا
زيّنّا السّماءَ الدُنيا بزينةٍ الكواكب * وحفظا
من كل شيطانٍ مارد" -- الزينة ليست بالضرورة ان تكون جزءا من الشيئ، فالمرآة
مثلا يمكن ان تعكس منظرا جميلا، والمنظر ليس جزءا منها، ولكنه زينة لها.
"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ
فِيهَا مِصْبَاحٌ، الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ،
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ" - (النور 35)، الشيئ
المضيئ هو المصباح، المصباح في زجاجة. اضاءة المصباح جعلت الزجاجة وكأنها كوكبٌ
دُري، أو بعبارة أخرى، المصباح اعطى الزجاجة منظرا جميلا، مع انه بداخلها، وليس
جزءا منها.
واذا كان السقف من زجاج وفوق السقف مصابيح جميلة، فالمصابيح اعطت السقف منظرا جميلا وهي ليست جزءا منه، وما لدينا من آيات عن زينة السماء الدنيا تأخذ نفس القياس. هذه الايات لا تقول ان النجوم والكواكب "تحت" السماء الدنيا، وإنما "زينة" السماء الدنيا.
في اقتباس سابق من رسائل اخوان الصفا قال كاتب الرسالة ان السماء الدنيا هي الطبقة التي دون فلك القمر، وان الله تعالى ذكر ان النجوم زينة السماء الدنيا لأن أهل الارض لا يرونها إلا دون فلك القمر.
في مقابلة لتلفزيون (بي بي سي) مع رائد الفضاء الامريكي نيل آرمسترونغ، على رابط يوتيوب تحت الفيديو المرفق، سأله المذيع كيف بدت السماء من على سطح القمر، النجوم والشمس وغيرها، فأجاب بما يلي:
اقتباس من الفيديو: "السماء |
"The sky
is a https://www.youtube.com/... |
رائد الفضاء شاهد عيان، ذهب الى القمر ولم يرى النجوم من على سطحه.. اخوان الصفا،
ومن غير ان يبعثوا احدا الى القمر، عرفوا ان النجوم لا يمكن رؤيتها الا في السماء
الدنيا، والتي هي، بحسب وصفهم، دون فلك القمر.
"ألم تروا كيف خلقَ اللّهُ سبعَ سماواتٍ طباقا، وجعل القمر
فيهنّ نورا وجعل الشّمسَ سراجا" (نوح 15 - 16)
-- الاية تتحدث عن نور القمر في السماوات السبع، بما يدل على ان القمر لن تستطيع
رؤيته بالعين المجردة من خارج السماوات السبع.
في دراسة مشتركة اصدرتها وكالة الفضاء الاوربية ووكالة ناسا الامريكية أظهرت ان الطبقة العليا للغلاف الجوي للارض تتمتد الى القمر وتتعداه، كما هو ظاهر في الصورة في الاعلى، بمسافة تصل الى ضعف المسافة بين الارض والقمر، اي حوالي 630 ألف كيلومتر.. سبق ورأينا ان الغلاف الجوي يُنسب الى الارض لان غازاته تدور مع دوران الارض.
يمتد الغلاف الجوي للأرض إلى القمر - وما بعده
Earth’s atmosphere stretches out to the Moon – and beyond
"أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا
لَهَا مِنْ فُرُوجٍ" -- (ق 6)
"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي
خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى
مِنْ فُطُورٍ" -- (الملك 3)
في الايتين اعلاه نجد ان السماوات السبع يمكن ان نتفحصها بالعين المجردة
لنرى اذا كان فيها شقوق او لا؟ وماذا سنرى ان كان فيها شقوق؟ سنرى ظلاما
دامسا في مكان الشق لا نجوم ولا كواكب، حتى اثناء النهار سنرى ايضا ظلاما
في مكان الشق، ولأن القمر ليس فيه غلاف جوي فإن الشمس فيه ضوءها محدود
والسماء مظلمة على الدوام ليل ونهار.. الضوء موجات، فإن لم تجد ما تصدمه
وترتد، فسوف تنطلق في الفراغ المفتوح وتتبعثر ولن ترتد ابدا.. هذه الآية
تدل دلالة واضحة على ان المقصود بالسماوات السبع طبقات الغلاف الجوي، لا
توجد سماء يمكن ان نختبرها بالعين المجردة سوى الغلاف الجوي، ولا توجد سماء
يمكن ان نرى فيها النجوم إلا السماء الدنيا، أدنى طبقات الغلاف الجوي.
"وتصريفِ الرّياحِ والسّحابِ المُسخّرِ بين السّماءِ والأرض"
-- في هذه الاية نرى ان الطبقة التي تجري فيها الرياح والسحاب (طبقة الطقس)، وتسمى
بالانجليزي (Troposhere)، وبمصطلح اخوان صفا (طبقة النسيم)، ليست جزءا من السماء،
والسماء تأتي فوق هذه الطبقة مباشرة.
اذا استثنينا طبقة الطقس (Troposphere) من السماوات السبع، لأن الاية استثنتها، نجد ان عدد الطبقات في الصورة اعلاه ثمانية، آخرها طبقة الاكسوسفير (Exosphere)، اربع طبقات رئيسية، واربع عازلة. هذا التصنيف مبني على تكدس الغازات في هذه الطبقات، ولكن اذا اعتمدوا معايير اخرى للتصنيف سيختلف العدد. اخوان الصفا اعتمدوا معيار الحرارة فوجدوا ان الغلاف الجوي يتكون من طبقتين، بالاضافة الى طبقة النسيم (طبقة الطقس). بناءا على المعيار الذي اعتمدوه فتصنيفهم صحيح ميه بالميه. الله قسمها الى سبع طبقات بناءا على معايير وخصائص أخرى. إذا اتفقت معاييرنا مع المعايير التي اعتمدها الله فسوف نحصل على الرقم سبعة.
طبقات الارض الاربع (earth layers) استدلوا عليها من ترددات الزلازل، وايضا مما تقذفه البراكين من صخور ومعادن وحمم بركانية، وبتحليل المقذوفات وجدوها تختلف في خصائصها، فاستنتجوا انها تأتي من طبقات مختلفة، وإلا فإنهم لم يحفروا الى مركز الارض لحساب عدد الطبقات فيها. ولكن كيف يمكن لطبقات الارض الاربع ان تكون سبعة؟ يمكن، والله اعلم، ان بين كل طبقة وأخرى توجد طبقة عازلة، وهذه الطبقة العازلة نعتبرها طبقة لأنها تؤدي وظيفة، واذا حسبنا الطبقات العازلة نجدها ثلاث (3 + 4 = 7)، والاية تقول: "ومن الارض مثلهن"، أي سبعة اراضٍ كالسماوات السبع.
من كان يتصور في زمن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ان الارض تتكون من عدة طبقات. قال القران انها سبعة. التحليلات الحديثة اظهرت انها اربعة على الاقل. أول عالم افترض وجود طبقات في الارض هو اسحاق نيوتبن في القرن السابع عشر، وقال انها ثلاث طبقات: القشرة، العباءة، النواة. ثم تطورت الابحاث بعده الى ان أوصلوها الان الى اربعة. فانظر كيف ان القران سبق العلوم الحديثة بمئات السنين. علم الانسان يتطور ويتغير، بينما القران قول فصل، نهائي، لا رجعة فيه، فإذا قال انها سبعة، فلابد انها سبعة.
بناءا على ما سبق فإننا لم نجد في العلوم الحديثة ما يتفق مع القران بالضبط، فلا طبقات الغلاف الجوي سبعة، ولا طبقات الارض سبعة، ولكننا عرفنا ان القمر فيهن نورا، أي ان الغلاف الجوي للارض يمتد الى ما بعد القمر، وانك لن ترى القمر بعينك المجردة من خارج الغلاف الجوي للارض، لن تراه من سطح المريخ مثلا. كما عرفنا ايضا ان السماء الدنيا هي الطبقة الوحيدة التي ترى فيها النجوم، زينة السماء الدنيا، واذا تجاوزنا السماء الدنيا فلن نرى سوى الظلام الدامس، بما يعني ان السماوات السبع التي ذكرها القران هي التي نراها فوقنا مباشرة، وبهذا فقد استدلينا على السماوات السبع التي رآها قوم النبي نوح، والمعرفة الدقيقة لتركيبتها تبقى مسألة وقت فقط لا غير.
"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين"
-- هل المصابيح هي نفسها رجوما للشياطين؟ لا، بل الشهب: "وأنا كنا نقعدُ منها
مقاعدَ للسمع فمن يستمع الآن يجدْ له شِهابا رصدا"، بما يعني
ان الشهب اصلها بقايا نجوم محترقة. اذا قلتَ مثلا انك رميته بمسدس، هذا لا يعني انك
قذفت المسدس عليه، وانما اطلقت عليه رصاصة من مسدس، وعلى نفس القياس جعل الله
النجوم، بعد انهيارها، رجوما للشياطين.
"يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ
تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ
إِلَّا بِسُلْطَانٍ ۞
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
۞ يُرْسَلُ
عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ" - (الرحمن
33 - 35)
ويقول قائل ان الانس نفذوا من اقطار السماوات ولم يُرسلُ عليهم شواظٌ من نارٍ ونحاس.. الشرط هو استراق السمع، التجسس، "وأنا كُنّا نَقعدُ منها مقاعدَ للسمع فمن يستمع الآن يجدْ له شِهابا رصدا" - (الجن 9).
"وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا
وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ۞
وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ۞
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ" -
(الحجر 16 - 18)
ابراج النجوم تحتوي على اسرار لا يسمح الله للجن والانس ان يعرفوها، لذا هي محفوظة من كل شيطان رجيم، فإذا لم يحاول الجن والانس التنصت على ذبذبات الابراج لمعرفة اسرارها، فلن يتبعهم شهاب مبين.. الاية من سورة الجن في الاعلى تتحدث عن مقاعد للسمع، أماكن معينة، فإذا قام البشر مثلا بوضع محطة تنصت في هذه المواقع الحساسة، فسوف يأتي المحطة شهاب مبين ويحرقها. هذه العملية يمكن ان تحدث بشكل طبيعي. النجوم تبعث ذبذبات. اذا التقطتها محطة التنصت فسوف ترتد. ارتداد الذبذبات سيحرك شُهب تجاه النقطة التي ارتدت منها.
الشُهب تحدث في مسافة قريبة، وفي اقتباس سابق من رسائل اخوان الصفا يقول كاتب الرسالة ان هذه الشهب تحدث قريبة من الارض، وبعيدة من فلك القمر، ولو انها تحدث في مسافة بعيدة، لما رأيتها تسقط بهذه السرعة.. هذا يعني ان استراق السمع (التنصت) يمكن ان يحدث في طبقة قريبة من الارض، ولعلها بداية طبقة ما يُسمى الاكسوسفير (Exosphere)، وهي الطبقة التي توجد فيها الاقمار الصناعية.
يرى البعض ان معشر الانس لم ينفذوا من اقطار السماوات بعد، بسبب انهم يذهبون ويعودون دون ان يُرسلُ عليهم شواظٌ من نار ونحاس! هذا الكلام ينافي الواقع، ولو ان الشهب تحدث في مسافات بعيدة، لما كانت لنا القدرة على رؤيتها، ولكن، وكما سبق ورأينا، السبب هو انهم لم يقعدوا في مواقع حساسة يجتسسوا فيها على ابراج النجوم.
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" (الانبياء
30)
هناك من يفسر الاية "كانتا رتقا ففتقناهما" بنظرية الانفجار العظيم.. هذه النظرية تقول ان الكون كله بكل ما فيه من مجرات ونجوم وكواكب كان مضغوطا في فقاعة صغيرة جدا أصغر بآلاف المرات من رأس الدبوس، ثم انفجرت فأوجدت هذا الكون الشاسع!
اقتباس: "الانفجار العظيم -- يعتقد معظم علماء الفلك أن الكون بدأ بانفجار ضخم قبل حوالي 14 مليار سنة. كان الكون بكامله داخل فقاعة أصغر بآلاف المرات من رأس الدبوس. كانت الفقاعة أكثر حرارة وكثافة من أي شيء يمكن تخيله. ثم انفجرت فجأة." |
"The Big
Bang -- Most astronomers believe the Universe began in a Big
Bang about 14 billion years ago. At that time, the entire
Universe was inside a bubble that was thousands of times smaller
than a pinhead. It was hotter and denser than anything we
can imagine. Then it suddenly exploded." https://www.esa.int/... |
وكما ترى فإن هذه النظرية مجرد فلسفة بحتة لا تقوم على اسس وقوانين، هي كقولهم ان كل مخلوقات الارض اتت من خلية واحدة فقط!
يقول ابن كثير
في تفسير الاية "كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا": "كَانَ
الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَلَاصِقٌ مُتَرَاكِمٌ، بَعْضُهُ فَوْقَ
بَعْضٍ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، فَفَتَقَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ. فجعل السموات
سَبْعًا، وَالْأَرْضَ سَبْعًا، وَفَصَلَ بَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالْأَرْضِ
بِالْهَوَاءِ."
الصورة في الاعلى تظهر الكواكب الغازية في المجموعة الشمسية. السبب الذي منع هذه الكواكب من التحجر هو انها بعيدة عن الشمس وحرارتها. الكواكب القريبة من الشمس تحجرت.. بناءا على هذه الكواكب الغازية، نرى ان التفسير لقوله تعالى: "كانتا رتقا ففتقناهما" هو ان الارض كانت كتلة من الغازات، مثل هذه الكواكب الغازية. بعد ذلك أثرت عليها الشمس وبدأت بالتحجر تدريجيا على مدى ملايين السنين الى ان اصبحت كتلة متحجرة محاطة بالغازات، ثم فصل الله بين الكتلة المتحجرة والغازات المحيطة بها بطبقة الطقس (طبقة الهواء)، "كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيئ حي".. نيازك ثلجية سقطت من السماء على سطح الارض ثم ذابت فنبتت الاشجار، وبعض الماء نزل في باطن الارض. انفجرت براكين اخرجت بخار ماء وكربون. قامت الاشجار بتحويل ثاني اكسيد الكربون الى اكسجين، فاختلط الاكسجين مع بعض الغازات الاخرى فأصبح هواء. هذا الهواء دفع الغازات الاقل كثافة الى الاعلى، ثم تحولت الغازات التي دُفعت الى الاعلى الى سبع طبقات تدريجيا على مدى ملايين السنين، وبالحساب القراني يومين.
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ" (ق 38) --
العبارة "وما بينهما" في هذه الاية نفسرها بما تعني طبقة الطقس،
بدليل الاية: "وتصريفِ الرّياحِ والسّحابِ المُسخّرِ بين
السّماءِ والأرض"، وحيثما وردت هذه العبارة نفترض انها طبقة الطقس، وإن لم نجد
في الاية ما يدل على الغلاف الجوي، نفترض ايضا انها طبقة الطقس، "وَلِلَّهِ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا"، الكون كله ملك الله، وكل
ما علاك فهو سماك، ولكن "وما بينهما" تبقى طبقة الطقس، مثلما الارض تبقى ارض، طبقة
الطقس تبقى "وما بينهما"، وهي الطبقة التي تعيش فيها الكائنات الحية، ومن غير هذه
الطبقة تنعدم الحياة على الارض.
اليوم بمقياس الارض هو دورة الارض حول نفسها مرة واحدة، وتنتهي هذه الدورة في 24 ساعة، واليوم على كوكب الزهرة 240 يوم من ايام الارض، ويومٌ على كوكب آخر يعادل ألف سنة من سنين الارض: "وإنّ يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون"، وعلى غيره خمسين ألف سنة: "تعرج الملائكةُ والروحُ إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"، فربما يوجد كوكب يأخذ ملايين السنين حتى يكمل دورة واحدة حول نفسه، فاتخذ الله دورة هذا الكوكب كوحدة زمنية لقياس الايام الستة التي خلق فيها الارض والغلاف الجوي.
هل يوم القيامة يشمل الكون كله، أو أنه في المجموعة الشمسية فقط؟
سبق ورأينا انه كانت توجد اجرام سماوية قبل الارض، نجوم احترقت وفنت قبل ان يكتمل تكوين الارض، اتت من هذه النجوم صخور الجبال، واتى منها الماء والعناصر الكيميائية الاخرى، كما ان الشُهب مصدرها نجوم احترقت وتحطمت، وبما ان الارض لم تكن أول جرم سماوي يخلقه الله، فمن المنطق الافتراض انها لن تكون الاخيرة، وفي حال دمارها، فسيبقى غيرها موجود.
وبعد ان رأينا ان السماوات السبع هي طبقات الغلاف الجوي، لنرى الان مدى تناسب هذا التفسير مع آيات يوم القيامة:
"إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ
انْتَثَرَتْ" (الانفطار 1 - 2).
انفطار السماء هو انشقاق الغلاف الجوي.. وهذا شيئ يمكن مشاهدته بالعين المجردة ان حدث، "فارجع البصر هل ترى من فطور".
"واذا الكواكب انتثرت" -- بعد ان تختل المجموعة الشمسية وتفقد توازنها فهل تتوقع ان تبقى الكواكب في مكانها؟
"فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ
فُرِجَتْ" (المرسلات 8 - 9) -- شيئ طبيعي ان تنطمس النجوم اذا السماءُ فُرجت،
اذا اصبح فيها شق كبير، ولكن النجوم باقية في مكانها لم تتغير ولم يحدث لها شيئ..
قال المفسر ابن عاشور: "وطَمْسُ النجوم : زوال نورها"، وفي المعجم الوسيط: "طَمَسَ
الغَيْمُ النُّجُومَ :- : حَجَبَ ضَوْؤُهَا"، واذا ذهبتَ الى خارج الغلاف الجوي
الان فسوف تنطمس النجوم.. وفي آية عن النبي لوط: "وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ
ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ" (القمر 37) ، طمس اعينهم
لا تعني انه اقتلعها، ولكن بطريقة ما لم يروا ضيوف النبي لوط. وفي التحقيق الجنائي
طمس الادلة يعني أخفاءها.. دمار الغلاف الجوي سوف يطمس النجوم، كما هي منطمسة الان
من على سطح القمر.
"إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ
انْكَدَرَتْ" (التكوير 1 - 2) -- الشمس نجم، فلماذا هي كورت، بينما النجوم
انكدرت؟ انكدرت تعني تعكر صفوها. انكدرت النجوم: ذهب نورها (قاموس
المعاني). وعندما ترى شخصا حزينا تقول له ما الذي يُكدرك؟ "والكُدْرَةُ:
ضِدُّ الصَّفاءِ، كَتَغَيُّرِ لَوْنِ الماءِ ونَحْوِهِ." (ابن
عاشور). وبالرغم من ان قدماء المفسرين افترضوا ان النجوم ستسقط على الارض، لا
شيئ في هذا التعبير يدل على ان انها ستحترق او تفقد موقعها، والتفسير هو اختفاء
ضوءها بسبب ازالة الغلاف الجوي. ولو ان شيئا آخر سيحدث لها غير اختفاء الضوء، لذكرت
الاية وصفا آخر، كـ احترقت أو سقطت مثلا.
"إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" - ولكن الشمس هي الان
مُكورة، فكيف سيكون تكويرها يوم القيامة؟
اقتباس: "من ملاحظات لنجوم عديدة أخرى تبدو مشابهة لشمسنا، فإنه من المتوقع ان الشمس ستتحرك الى الاعلى والى اليمين من موقعها الحالي بالتسلسل وتدخل مرحلة عملاق أحمر. ويُتوقع ان المرحلة الاخيرة للشمس ستكون قزم أبيض." |
"From
observations of numerous other stars which appear to be similar
to our Sun, it is anticipated that the Sun will eventually move
upward and to the right of its current position on the main
sequence and enter a red giant phase. The final stage of our Sun
is anticipated to be as a white dwarf." http://hyperphysics... |
الصورة والاقتباس في الاعلى عن ما ستكون عليه الشمس في مراحلها الاخيرة.. أولا
ستتمدد الى ان تصل الى فلك دوران الارض، وسوف تحرق الارض، ثم ستنكمش لتصبح قزما
أبيض.. وضعها كقزم ابيض، وهو الانكماش بعد التمدد، ربما هو التفسير لقوله تعالى "إذا
الشمس كورت"، "التكوير في كلام العرب جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك
كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض
ولفها" -
تفسير الطبري
"فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ
۞ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
۞
يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ۞
كَلَّا لَا وَزَرَ ۞
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ۞"
- (القيامة 8 - 12)
عندما تتمدد الشمس، وقبل ان تصل الى الارض، سوف تبتلع القمر أولا، وهذا على ما
يبدو هو التفسير لقوله تعالى "وجمع الشمس والقمر" -- يبدو من
الايات ان بعض حياة للانسان ستكون موجودة على الارض في تلك الاثناء، وعندما يرى
الانسان الشمس وهي تبتلع القمر، سيقول حينها أين المفر، لأنها ستأتيه لا محالة، كلا
لا وزر، لا ملجأ، الى ربك يومئذٍ المستقر.
عندما تتمدد الشمس وتصبح عملاقا احمر، ستكون حرارتها أقل، تُقدر بحوالي 2700 الى 3700 درجة سيليزية، بينما حرارة سطحها الان حوالي 6000 درجة سيليزية. وان كانت حرارة سطحها وهي عند القمر 2700 درجة مثلا، فكيف سيعيش الانسان على الارض؟ ربما سيتمكن الاثرياء من شراء تكنولوجيا تمكنهم من العيش في جو شديد الحرارة، أو ينتقلون للعيش في القطب المتجمد، ولن يكون متجمد في ذلك الوقت، ولكنه اقل حرارة من المناطق التي تقابل الشمس مباشرة. وفي جميع الاحوال، وبغض النظر عن وسائل العيش المتاحة في ذلك الوقت، على الاقل بعض البشر سيكونون موجودين، وسيقولون أين المفر؟
"وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ" (التكوير 11) -- قال الطبري: "وإذا السماء نـزعت وجُذبت ثم طُويت". كشط التربة ازالة طبقة منها، وهذا يعني ان الغلاف الجوي سوف يتآكل من الخارج بالتدريج، مثل كشط التربة.. هذه الاية لا تتعارض مع السماء انفطرت والسماء انشقت، وجمع الشمس والقمر، عملية الدمار ستحدث على مراحل، ربما ستبدأ أولا بالانشقاق ثم بالازالة الكاملة تدريجيا، لتصبح الارض مثل القمر بدون غلاف جوي، لا نجوم ولا كواكب ولا اي شيئ يمكن رؤيته في السماء.
"يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ" (الانبياء 104) -- السجل هو الصحيفة، والكتب هي المواضيع المكتوبة فيها، وهي تعادل الابواب في التصنيفات الحديثة، وفي التصنيفات القديمة يسمونها كُتب، فمثلا عندما تقرأ في كتب الفقه القديمة تجد كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الحج، الخ، والظاهر انهم كانوا يكتبون اكثر من كتاب في صحيفة واحدة، وهذه الصحيفة فيها سبعة كتب، عدد طبقات السماء، وطي الصحيفة يكون لفها بشكل دائري، وبطويها هي تطوي الكتب التي فيها، وكل عدة لفات ينطوي كتاب، وبالمقارنة بين هذه الاية والاية الاخرى "وإذا السماءُ كُشطت" نرى ان الآيتين لهما نفس المعنى تقريبا، وهو ازالة الغلاف الجوي من الخارج بالتدريج لفة لفة، أو كشط الغلاف الجوي من الخارج تدريجيا، وكل عدة لفات تختفي طبقة، كطي الصحيفة للكتب.
لابد من وجود عامل مؤثر يؤدي الى هذه الاحداث، لا شيئ يحدث بدون سبب، ولا يوجد في المجموعة الشمسية عامل يمكن ان يؤثر على غيره بطريقة تدميرية سوى الشمس، بما يعني ان انهيار الشمس سيؤدي الى كل هذا، وسيؤدي أيضا الى الكوارث التي ستضرب الارض كالزلازل والبراكين "إذا زُلزلت الارضُ زلزالها واخرجتْ الارضُ اثقَالَها" (الزلزلة 1 - 2) -- اثقالها هي الصخور والمعادن الموجودة في باطنها، كالتي تقذفها البراكين الان ولكن بأحجام عظيمة وكميات كبيرة جدا.. الاحتمال هو ان الشمس، وقبل ان تدخل مرحلة العملاق الاحمر، سترسل اشعاعات قوية تصل الى باطن الارض وتتفاعل مع مكوناتها وتتشقق القشرة الارضية نتيجة التفاعلات، بما سيؤدي الى زلازل عنيفة جدا تهد الجبال "وإذا الجبالُ نُسفت".
النجوم تنتج الضوء بتحويل اشعاعات گاما (gamma) الى ضوء، ولكن في آخر عمرها تفقد القدرة على تحويل هذه الاشعاعات الى ضوء، وهي اشعاعات خطيرة وقوية جدا تخترق المعادن، ويوم القيامة، بعد ان تفشل الشمس في تحويلها، أو تحويل جزء كبير منها، الى ضوء، سوف تضرب اشعاعات گاما الارض مباشرة، فتخيل حجم التأثير الذي ستحدثه في الارض ومكوناتها.
الشمس حاليا تصدر اشعاعات گاما، ولكن الكمية صغيرة جدا، يمنعها الغلاف الجوي من الوصول الى الارض.
يُقدر العلماء عمر الشمس المتبقي بخمسة مليارات سنة! هل عرف العلماء كمية النفط والغاز الموجود في باطن الارض، وهل عرفوا ما هو موجود في طبقات الارض السفلى؟ ألا يوجد لديهم نظريات عن الزلازل، فلماذا لا يستفيدون منها في التنبأ بالزلازل والبراكين قبل حدوثها ان كانت نظرياتهم صحيحة؟ اذا كان الكوكب الذي يعيشون عليه لم يحيطوا به علما، فهل احاطوا علما بالشمس؟ هذه نظريات يلعب التخمين فيها دورا كبيرا.. لا تأتيكم إلا بغتة.
إذا مات الانسان قامت قيامته، ولن تفرق معه سواءا كان يوم القيامة في المجموعة الشمسية فقط أو انه في الكون كله، ولكن بالنظر الى آيات القرآن فإنه لا يوجد فيها ما يدل على انهيار شيئ يوم القيامة سوى الارض والسماء والشمس والكواكب.. السماء هي الغلاف الجوي، والكواكب هي كواكب المجموعة الشمسية "واذا الكواكب انتثرت"، ولكن لا يوجد شيئ ابدا يدل على انهيار النجوم، فكيف نفترض انهيار الكون كله بينما النجوم باقية على حالها؟
عندما يصف الله لنا يوم القيامة يريد منا ان ننظر في الفضاء حولنا ونرى ما يحدث
الان للنجوم والمجوعات الشمسية الاخرى وهي تنهار وتحترق، ونقارن هذا مع ما هو مكتوب
في القرآن، فمجموعتنا الشمسية لا تختلف عن المجموعات الاخرى، وما يحدث لها الان سوف
يحدث لمجموعتنا يوم القيامة، ومن يدري، فربما توجد الان قيامة وجنة ونار في كواكبٍ
خارج المجموعة الشمسية ولكن لا نعلمها.
"وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (آل عمران 189)
ليس كل السماوات في القرآن هي السبع سماوات، لم تُذكر السماوات السبع في القرآن إلا في سبع آيات فقط ، بينما ورد لفظ "السماوات" في أكثر من 180 آية، والسماء مفردة في 118 آية، وبالنظر الى سياق النص يمكن أحيانا معرفة السماوات المعنية، "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ" (الحج 16) -- السماء في هذه الاية هي كل ما علاك فهو سماك، وليست السماء الدنيا التي زينها الله بالمصابيح، لذا كان التعبير "جعلنا" وليس "زيّنا" ومع ذلك هي تبقى زينة للناظرين من على سطح الارض.. وبهذه الفقرة نصل الى نهاية الموضوع.