| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
سورة النجم لا علاقة لها بخرافة المعراج المذكورة في الاحاديث تأليف: عيسى عبدالرحمن السركال
الشارقة، الامارات العربية المتحدة تاريخ النشر: 6 ابريل 2017 (اخر تحديث: 16 نوفمبر 2021)
بيغاسوس (Pegasus) حصان مجنح في الميثولوجيا الاغريقية
بالنسبة للدين الاسلامي، الوثيقة الوحيدة التي ثبت كتابتها اثناء نشأة الدين، وبإشراف صاحب الرسالة، هي القرآن فقط ولا شيئ سواه. ومن المنطق الاحتكام الى القرآن في حال وجود ما يناقضه أو وجود مفاهيم جديدة لم يرد ذكرها في القرآن. "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى وردت فيه آية صريحة لا تقبل الجدال، فلماذا لا يوجد أي ذكر للمعراج في القرآن؟ الصعود الى السماء أعظم بكثير من رحلة بين مكة وفلسطين، فكيف يذكر القرآن الحدث الصغير ولا يتطرق الى الحدث الاعظم؟
في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري يقول ابن حجر ان بعض السلف قالوا ان المعراج
كان في
"وذهب بعضهم إلى أن الإسراء كان في اليقظة، والمعراج كان في
(فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب حديث الاسراء، حديث رقم: 3673، الحاشية رقم: 1) https://hadithportal.com/... هؤلاء قوم استخدموا عقولهم في تقييم الرواية، وكما يقول ابن حجر في الاقتباس اعلاه، قالوا ان قريش كذبوه في الاسراء ولم يتعرضروا للمعراج مع انه أعجب وأمره أغرب من الاسراء بكثير، فكيف يستنكرون رحلته الى بيت المقدس بينما يرون رحلته الفضائية شيئ عادي؟ وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى ذكر الاسراء في آية صريحة لا ريب فيها ولم يذكر المعراج مع انه حدث أعظم، إن كان قد وقع فعلا! ما نراه ان قريش لم يكن لديهم أدنى علم بشيئ اسمه المعراج، وكل هذه الروايات تم تلفيقها في أوقات متأخرة، وبعد وفاة صاحب الرسالة بزمن. ولماذا لم يذكر الله المعراج في القرآن؟
اقتباس: "ولعله حذف ذكر المعراج من القرآن هنا
بما يعني ان الله سبحانه وتعالى لم يذكر المعراج في القرآن مراعاة لفهم قريش! وايضا ان الله ليس لديه أدلة يمكن ان يقيمها عليهم لو انكروه! ولكن كفار قريش طلبوا من رسول الله (ﷺ) اصلا ان يرقى الى السماء: "أو تَرقىَ
في الملاحظ هنا ان كفار قريش كان طلبهم بسيط مقارنة بما جرى في اسطورة المعراج.. كل ما طلبوه هو مجرد صعود الى السماء، الى أي مكان في السماء دون تحديد، لا سدرة منتهى ولا سماء سابعة أو غيرها، ومع ذلك قوبل طلبهم بالرفض.. وهل كان الرُسل يقيمون الحجة على خصومهم أو على المؤمنين بهم؟ فإذا كان رسول الله (ﷺ) قد صعد الى السماء، فهذه فرصته الذهبية لإقامة الحجة عليهم، وكل ما عليه ان يفعله بالاضافة الى الصعود، أن يأتي بكتاب. "قل سبحان ربّي هل كُنتُ إلّا بشرا رسولا" وهذا يعني ان مسألة صعود رسول الله (ﷺ) الى السماء مرفوضة جملة وتفصيلا، لا صعود ولا كتاب ولا أي شيئ من ذلك ابدا، وهذه الاية من سورة الاسراء، وقد زعموا ان المعراج كان في ليلة الاسراء، فكيف نجد النفي القاطع للمعراج في هذه السورة؟ فإذا كان نفي المعراج في القران لا يكفي، وفي نفس السورة التي يُفترض ان تؤكد المعراج، فبأي حديث بعده يؤمنون؟ حالة ميؤوس منها! قيل ان سورة النجم ذكرته "تلميحا!" وهل حدث عظيم كهذا يُذكر بالاشارة؟
اقتباس: "فللنبي صلى الله عليه وسلم كرامتان : أولاهما الإسراء وهو المذكور هنا ،
والأخرى المعراج وهو المذكور في حديث «الصحيحين» مطولاً وأحاديث غيرِه . وقد
(تفسير ابن عاشور، سورة الاسراء، الاية 1) http://quran.ksu.edu.sa/... يقول ابن عاشور انه لا يوجد في القرآن نص صريح، ولكن يمكن، ربما، يقال، انه المشار اليه في سورة النجم. "ولقد رآه إذا كانت هذه الاية تتحدث عن المعراج فهذا يعني ان جبريل ترك النبي محمد (ﷺ) تحت الشجرة وذهب مشاور ثم عاد اليه، وفي عودته رآه رسول الله ينزل، ولكن لا يوجد حديث واحد يخبرنا لماذا تركه تحت الشجرة واين ذهب؟ قال بعض المفسرين ان النزلة لا تعني نزلة، وإنما مرة أخرى!
تفسير البغوي: "(ولقد رآه نزلة أخرى) يعني : رأى جبريل في صورته التي خلق عليها
http://quran.ksu.edu.sa/... الاقتباس اعلاه من تفسير البغوي، وفيه يقول ان النزلة لا تعني الا النزول من الاعلى الى الاسفل. في تفسير الرازي، الجزء 28، سورة النجم، كتب الرازي اقوالا متعددة في هذه النزلة، فقال بعضهم انه رأى "الله" ينزل عند سدرة المنتهى وليس جبريل، فرد آخرون بقولهم ان الاية "لقد رآى من آيات ربه الكبرى" تنفي انه رأى الله، وإنما من أياته فقط. أمّا القول انه رآى جبريل على صورته الحقيقية فإنه لا يوجد شيئ في الايات يدل على هذه المعلومة، وما جعل المفسرين يقولون بها إلا التجاوز عن معضلة رؤيته عند سدرة المنتهى، بينما الاحاديث تقول انه رافقه على طول الرحلة.. الايات ركزت على النزول، لذا فإن العبرة في النزول فقط ، أمّا الشكل والهيئة فيبدو انه شيئ ثانوي جدا لا يستحق الذكر، لذا تجاهلته الايات جملة وتفصيلا. والسؤال مرة أخرى: أين ذهب جبريل وترك النبي محمد تحت الشجرة وحده؟ ما
يُفهم من الاية اذا أخذناها في سياقها في السورة، وأخذنا النزلة الاولى بعين
الاعتبار، نرى ان رسول الله (ﷺ) كان على
" " " " القضية وما فيها ان قدماء المسلمين كانوا يتأثرون بثقافات وخرافات الامم الاخرى، وينظرون لها على انها ميزات وايجابيات، ومع تغييب كامل للعقل والتفكير، ولسان حالهم يقول: هل رسولكم احسن من رسولنا، معراج معراج، ولما لا. يقال ان الديانة المجوسية يوجد فيها معراج، ذهب زرادشت، نبي المجوس، الى السماء وقابل الله وأحضر الشريعة. وفي قصة المعراج المنسوبة لرسول الله (ﷺ) قابل الله وأحضر الصلوات الخمس. وفي التراث اليهودي قيل ان النبي اخنوخ ذهب الى السماء مع الله: "وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد لانّ الله اخذه" (تكوين 5 : 24). اخنوخ هو النبي ادريس في القرآن، وفي تفسير الاية "واذكر في الكتاب ادريس انه كان صديقا نبيا" (مريم 56) كتب ابن كثير والطبري قولا عن كعب الاحبار ان الله رفعه الى السماء الرابعة. قوله تعالى: "ورفعناه مكانا عليا" (مريم 57) لا يعني بالضرورة انه رُفع الى السماء، قال بعض المفسرين: "رَفْعٌ مَجازِيٌّ. والمُرادُ: رَفَعُ المَنزِلَةِ، لِما أُوتِيَهُ مِنَ العِلْمِ الَّذِي فاقَ بِهِ عَلى مَن سَلَفَهُ" -- (تفسير ابن عاشور)، وهذا هو الكلام المعقول، تُفسر الاشياء بما هو أقرب للواقع، ولا تفترض المحال أو نادر الحدوث اذا لم يُصرح به النص.
تفسير ابن كثير: "واذكر في الكتاب ادريس..." وفيه قول كعب الاحبار ان ادريس في
السماء الرابعة:
http://library.islamweb.net/... http://quran.ksu.edu.sa/...
صحيح البخاري: حديث المعراج (3674) وفيه ادريس في السماء الرابعة: ها نحن نرى قدماء المسلمين يعاشرون أقواما لديهم فكرة الصعود الى السماء، فيقولون لما لا يكون نبينا مثل انبيائهم واحسن، فأوصلوه الى سدرة المنتهى.
كل سماء فيها نبي، ويسكنون على سطح السماء ومن غير كواكب!
من ناحية أخرى لا يقول اليهود ان موسى وهارون وابراهيم أخذهم الله الى السماء، فكيف أوصلهم المسلمون الى هناك؟ هذا الشيئ اسمه ملئ الفراغ حتى يصل النبي محمد (ﷺ) الى السماء السابعة. مسألة ان السماوات السبع مقسمة الى طوابق وكل طابق يعزله عن الطابق الآخر مسافة
500 عام، وهناك بشر وملائكة يعيشون في هذه الطوابق، هذه التفاصيل التي ذكرتها
الاحاديث لا يوجد لها أصل في القرآن. "اللهُ الذي خلق سبع سماوات ومن الارض
مثلهن" طبقات السماوات مثل طبقات الارض، ولا توجد مسافات بين طبقات الارض تسمح
بأن تعيش فيها كائنات حية مجسمة، أمّا في الفضاء فإن الانسان لا يمكن أن يعيش إلا
على
الخيال لعب دورا كبيرا في قصة المعراج، وكأن رسول الله يصعد بناية، وينتقل فيها من
دور الى دور، وفي كل دور يوجد نبي، الى ان وصل الى الدور السابع. وفي فتح الباري
شرح صحيح البخاري يذكر ابن حجر قولا ان المعراج لم يكن على البراق، وإنما على سلم،
فيقول: "فأما العروج ففي غير هذه الرواية من الأخبار أنه لم يكن على البراق بل رقي
المعراج، وهو السلم"
(فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب
المعراج، حديث رقم: 3674) وفي صحيح مسلم وغيره (وليس في البخاري) ان رسول الله (ﷺ) صلى بالانبياء إماما في بيت المقدس، منهم النبي موسى والنبي عيسى.. كيف ذلك وقد قابل موسى وعيسى في السماء؟ اذا كانت هذه الاحاديث صدرت عن النبي محمد بنفسه فلا يمكن أن يقع في خطأ كارثي مثل هذا.. ولا يوجد حديث يقول انهم ذهبوا معه الى السماء أو استبقوه أو أي شيئ من هذا القبيل، فكيف لمخلوق أن يتواجد في مكانين مختلفين في نفس الوقت؟ نحن الان لا نتحدث عن ظواهر طبيعية كالزلازل مثلا، لنفترض زلزال هنا وزلزال هناك، وإنما عن نفس الشخص يتواجد في مكانين مختلفين في آن واحد! التفسير لهذا التناقض هو ان الذين كانوا يؤلفون الاحاديث لم يكن بينهم تنسيق، ولا يعلم احدهم بما يقوله غيره، وكل واحدٍ منهم يؤلف على هواه، ويبدو ان الذي قال ان رسول الله (ﷺ) أمّ الانبياء في بيت المقدس لم يكن يعلم بأحاديث المعراج، ويُحتمل انها وضعت في وقت متأخر. أول من دون الحديث النبوي هو الامام مالك بن أنس، إمام أهل المدينة، عاش ما بين 93-179هجري، ولم يدون في كتابه أي شيئ عن الاسراء والمعراج، بما يدل على انه لم يسمع في الزمن الذي عاش فيه من أهل المدينة شيئا عن هذه المواضيع، أو لم يصح عنده فيها حديث واحد. كان الامام مالك حريصا جدا على التدقيق في الحديث، ولا يكتب عن كل من هب ودب، ومع ذلك كاد ان يسقط كتابه كله لولا ان ادركه الموت، اقتباس: "وضع مالك المُوطأ على نحو من عشرة آلاف حديث، فلم يزل ينظر فيه ويُسْقِطُ منه حتى بقي هذا، ولو عاش قليلا لأسقطه كله." (محمد بن محمد الاندلسي الراعي، كتاب: انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الامام مالك، 1981م، ص209)
"ثم رُفعتُ إلي
http://library.islamweb.com/... اقتباس: "قال النووي: في هذا الحديث أن أصل وكيف استطاع مؤلف الحديث ان يتخيل ان عندما تنظر الى السماء تراها وكأنها قبة متصلة بالارض (انظر الصورة)، والظاهر ان مؤلف الحديث كان يتصور ان سدرة المنتهى تقع في أعلى القبة، وينبع من تحتها النيل والفرات، فيجريان في جداول مائية على سطح القبة الى ان يصلا الى الارض.. قول النووي ان هذا لا يمنعه العقل لا يمكن ان يكون صحيحا إلا اذا تخيلت السماء تغطي الارض كما هو ظاهر في الصورة، ولكن الواقع ان الارض كرة في المجموعة الشمسية ويغطيها الغلاف الجوي ولا يدخل اليها أو يخرج منها ماء ولا هواء.. "والارض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها" (النازعات)، وكان ذلك في بداية الخلق، أخرج الماء من باطنها، وظلت كمية المياه في الارض لم تتغير، لا تزيد ولا تنقص، وينتقل الماء من باطن الارض الى سطحها وبالعكس، ولا يأتي ماء من خارجها، منذ ان استقرت الارض على وضعها الحالي قبل ملايين السنين والى الان. "إذ قال الله يا عيسى إني " وكيف انتقل رسول الله (ﷺ) من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى؟ افترض ان الحدث حصل في الوقت الحاضر، فماذا عسى الناس ان تقول؟ طائرة، طبق طائر.. في الماضي لم تكن هذه الاشياء موجودة، فاخترعوا البراق، وذاك هو أقصى ما توصل اليه خيالهم، وفي المستقبل ربما يظهر شيئ اسرع من الطائرة، والاية لم تتطرق الى وسيلة النقل، لذا من الافضل ان نتركها من غير تخمين.. ولكن: ما كذبته قريش اصبح في زمننا ممكنا (بواسطة الطائرة)، وهذه تعتبر آية، وبغض النظر عن الوسيلة التي بواسطتها انتقل رسول الله (ﷺ) من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى. الخـــــــــــــــاتمة: الخرافات والاشاعات في كثير من الاحيان تكتشفها بالحدس، وذلك ان حجمها لا يتناسب مع ردود الافعال المترتبة عليها، فمثلا اذا سمعت في اذاعة محلية صغيرة ان روسيا غزت الصين، ثم طالعت المحطات الاخبارية العالمية ولا تجد عن الموضوع خبر! هل يعقل ان تتجاهل المحطات الرئيسية خبرا بهذا الحجم؟ ورأينا في بداية الموضوع ان هناك من صنف المعراج في خانة الاحلام، وكيف لحدث عظيم كهذا أن يتجاهله القرآن، وكيف لكفار قريش ان يكذبوا رسول الله في الاسراء الى بيت المقدس ولا يعترضوا على المعراج؟ وطبعا نفس المنطق يسري أيضا على ما يسمى المهدي المنتظر والمسيح الدجال وغيرها من المعتقدات الخرافية التي يعتبرها الكثير من المسلمين من المسلمات بينما لا يوجد لها في القرآن أثر.
|