| ||||||||||||||||||
تنقية السنة النبوية من
الشوائب: تأليف: عيسى عبدالرحمن السركال
الشارقة، الامارات العربية المتحدة تاريخ النشر: 22 يونيو 2023
يقال، والعهدة على الرواي، استنادا لحديث صحيح مسلم، إن الرسول دخل على عائشة وكانت عندها إمرأة يهودية، فقالت اليهودية لعائشة: "هل شَعَرْتِ أنكم تُفتنون في القبور؟" فارتاع رسول الله من قولها.. يا للهول؟ ما هذا الهراء الذي تقوله هذه العجوز الشمطاء؟ ثم قال: "إنما تُفتن يهود" -- يعني اليهود فقط، حتى المشركين عبدة الاوثان لا يُفتنون، اليهود فقط لا غير!! ودارت الايام.. وفجأة، ومن غير مقدمات، واذا بالنبي يسأل عائشة: "هلْ شَعَرْتِ أنه أوحي إلي أنكم تُفتنون في القبور؟" هكذا قالها بالحرف الواحد، "هل شَعَرْتِ، الخ" -- نفس التعبير الذي قالته اليهودية بالضبط! قال الحافظ ابن حجر: "وفي هذا كله أنه (صلى الله عليه وسلّم) إنما علم بحكم عذاب القبر إذ هو بالمدينة في آخر الأمر." (فتح المنعم على صحيح مسلم) طبعا لسنا بحاجة الى ان نستشهد بكلام ابن حجر، لان الحديث واضح، والشمس ما يغطيها غربال، ولكن فقط منعا للمغالطات.. عندما يجد البعض انفسهم في وضع حرج، لا يستطيعون فيه الرد ولا بنصف كلمة، يقولون انت لا تفهم، اذهب الى اهل العلم وسيعطوك الجواب الشافي.. ها هو ابن حجر، شيخ مشايخكم، يقولها بالفم المليان، لم يعلم النبي بعذاب القبر الا في آخر ايامه في المدينة، وربما بعد نزول الاية: "اليوم أكملت لكم دينكم"!! هذا الحديث ورد بعدة طرق، وبألفاظ مختلفة.. قال الرسول في نسخة: كذبت يهود، لا عذاب دون يوم القيامة. وقال في نسخة: صدقت.. وفي رواية ان المرأة اليهودية اثنتين، وليست امرأة واحدة. وجميع هذه الروايات المتناقضة صحيحة.. اعمل قرعة أو اختر منها ما يحلو لك.. المقام المشترك الادني في كل هذه الروايات الملخبطة هو ان النبي لم يكن يعلم بعذاب القبر الا بعد أن أخبرته المرأة اليهودية. زعموا ان آيات من القران وشرائع نزلت على لسان أبوبكر وعمر، ولكن هذه المرأة يهودية، لا تؤمن أصلا بالاسلام، فكيف أنزل الله عقيدة اسلامية على لسانها؟ السؤال الان، على أي اساس يقوم المؤمنون بعذاب القبر بالاستشهاد بآيات نزلت في مكة، وذُكرت في إطار محدود، وفي قصص أقوام معينين، كالآية في سورة نوح: "أُغرقوا فأدخلوا نارا"، والاية من سورة غافر: "النارُ يُعرضون عليها غُدوا وعَشيا" -- ألا يكفيهم، واستنادا الى احاديثهم، ان النبي لم يحملها على عذاب القبر، وإلا لآمن به عندما كان في مكة؟ ألا يعلم هؤلاء انهم بهذا الفعل ينطيق عليهم قوله تعالى: "فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه" واخيرا.. العدل الالهي يقتضي عدم وجود عذاب في القبر.. لا عقاب قبل حساب، والحساب في اليوم الموعود، يومَ لا تملكُ نفسٌ لنفسٍ شيئا والامر يومئذ لله.. وبهذه الفقرة نصل الى نهاية المقال، ولا داعي للقول اننا ننفي صحة هذه الاحاديث الملفقة على النبي جملة وتفصيلا، "إن اتبع إلا ما يوحى إليّ"، والوحي هو القران فقط لا غير.
الاحاديث المشار اليها في الفقرات السابقة هي هذه المدرجة في الاسفل: الحديث الاول:
963 حدثنا هارون بن سعيد، وحرملة بن يحيى - قال هارون : حدثنا وقال حرملة : -
أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزبير،
أن عائشة قالت: دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) وعندي امرأة من
اليهود، وهي تقول: هل شَعَرْتِ أنكم تفتنون في القبور؟ قالت: فارتاع رسول
الله (صلى الله عليه وسلّم) وقال: إنما تفتن يهود، قالت عائشة:
فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): هلْ شَعَرْتِ أنه
أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة: فسمعت رسول الله (صلى الله
عليه وسلّم)، بعد يستعيذ من عذاب القبر.
(صحيح
مسلم) (مسند
أحمد)
24520 - حدثنا هاشم، قال: حدثنا إسحاق بن سعيد، قال: حدثنا سعيد [بن عمرو
الأموي]،
عن عائشة، أن يهودية كانت تخدمها، فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف،
إلا قالت لها اليهودية: وقاك الله عذاب القبر، قالت: فدخل رسول الله (صلى
الله عليه وسلّم) علي، فقلت: يا رسول الله، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة؟
قال: لا، وعم ذاك؟ قالت: هذه اليهودية لا نصنع إليها من المعروف شيئا، إلا
قالت: وقاك الله عذاب القبر، قال: كذبت يهود، وهم على الله عز وجل
أكذب، لا عذاب دون يوم القيامة، قالت: ثم مكث بعد ذاك ما شاء الله أن
يمكث، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه، محمرة عيناه، وهو ينادي بأعلى
صوته: أيها الناس، أظلتكم الفتن كقطع الليل المظلم، أيها الناس، لو تعلمون
ما أعلم بكيتم كثيرا وضحكتم قليلا، أيها الناس، استعيذوا بالله من عذاب
القبر، فإن عذاب القبر حق.
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(مسند
أحمد)هاشم: هو ابن القاسم أبو النضر، وإسحاق بن سعيد: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي. وأورده الهيثمي في "المجمع" ٣ / ٥٤ - ٥٥، وقال: وذكره الحافظ في "الفتح" ٣ / ٢٣٦، وذكر أن
24178 - حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق،
عن عائشة قالت: دخلت عليها يهودية استوهبتها طيبا، فوهبت لها عائشة، فقالت:
أجارك الله من عذاب القبر، قالت: فوقع في نفسي من ذلك، حتى جاء رسول الله
(صلى الله عليه وسلّم)، قالت: فذكرت ذلك له، قلت: يا رسول الله، إن للقبر
عذابا؟ قال: نعم، إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم.
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(مسند
أحمد)
6366 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن
أبي وائل عن مسروق،
عن عائشة قالت دخلت علي عجوزان من
عجز يهود المدينة فقالتا لي إن أهل القبور يعذبون في
قبورهم فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي النبي (صلى الله
عليه وسلّم) فقلت له يا رسول الله إن عجوزين وذكرت له، فقال صدقتا،
إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها،
فما رأيته بعد في صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر. (البخاري)
1297 - حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا الفريابي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا
جرير (ح)
وحدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ جرير (ح) وحدثنا أبو محمد بن حيان ومحمد بن إبراهيم قالا ثنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا جرير -- عن منصور عن أبي وائل عن مسروق،
عن عائشة قالت دخل علي عجوزان من عجائز يهود المدينة فقالتا لي إن أهل
القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما قالت فخرجتا ودخل رسول الله صلى الله
عليه وسلّم فقلت له يا رسول الله إن عجوزين من عجائز يهود المدينة دخلتا
علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها قالت
فما رأيته بعد ذلك في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر.
(المستخرج على صحيح مسلم لابونعيم) الزعم بأن البهائم تسمع عذاب القبر مخالف للواقع، لأن البهائم ترعى على المقابر ولم يلاحظ عليها أحد أي نفور أو سلوك غير طبيعي.. من المعلوم ان البهائم لديها الشعور بالخوف أكثر من البشر، لذا تراها تنفر وتهرب من أدنى حركة أو أصوات لم تتعود عليها، ومع ذلك لا يحدث لها شيئ في المقابر
|