| |||||||||||||
شبهة: مريم أم عيسى واخت هارون!تأليف: عيسى عبدالرحمن السركال
"يَا
أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ
امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا"
قيل ان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) التبست عليه الاسماء وخلط بين مريم أم المسيح، ومريم اخت موسى وهارون.. هذا الكلام غير صحيح.. النبي محمد يعلم الفارق الزمني بين موسى وعيسى، كما انه يعلم ان مريم ام المسيح ليس لديها اخوة، وكانت امها تتمنى ان يرزقها الله ذكرا، لتجعله في خدمة الله، ولكن رزقها انثى. "فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى، والله أعلم بما وضعت، وليس الذكر
كالأنثى، وإني لماذا سمتها مريم؟ على اسم مريم ابنة عمران اخت موسى وهارون، وكانت تلك المرأة (اخت موسى وهارون) تُدعى أخت هارون، كما سنرى لاحقا، فأخذت أم المسيح كنيتها مثلما اخذت اسمها. "فأتت به قومها تحمله، قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ۞ يا
"فأتت به قومها تحمله" -- تفاجأ القوم بما تراه اعينهم.. ما هذا؟ دار بينهم حديث.. القران نقل الحديث الذي دار بين افراد الاسرة، وليس تفصيلا في اسم مريم واسماء اخوتها واخواتها.. افراد الاسرة هم الذين اطلقوا عليها هذا اللقب، وذلك انه كنيتها. في حديث "عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرءون: (يا أخت هارون)، وموسى قبل
عيسى بكذا وكذا؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال:
ألا أخبرتهم أنهم كانوا
أي ان قولهم (يا اخت هارون) ليس لانها اخته بحق وحقيقة، وانما بسبب انها مسماة على مريم اخت هارون.. هذا الحديث ان صح فهو تفسير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للاية القرانية وفهمه لها.
ما نراه في النص اعلاه ان مريم النبية اخت موسى وهارون كانت تُسمى (اخت هارون)، ليس من باب انها اخته بشكل حقيقي، وإلا فإنها اخت موسى ايضا، وهو سيد القوم، والأوْلى ان تُنسبَ له، ولكن التسمية هنا جاءت كـ لقب، كنيةٌ عرفها الناس بها، فمثلا اذا سمعك الناس في ذلك الزمن، عندما كان اليهود في مصر، تقول "اخت هارون"، سيعرفون من تقصد، بينما لن يعرفوا من تقصد اذا قلت "اخت موسى"، وبما ان مريم ام المسيح قد سُميت عليها، فمن الطبيعي ان تأخذ كنيتها مثلما أخذت اسمها.. افترض مثلا ان لديك ابنا سميته محمد تيمنا بالنبي محمد، فلا حرج ان تناديه ابو قاسم، هذا تعبير صحيح حتى وان كان الولد صغيرا لم يتزوج وليس لديه ابناء، وذلك ان النبي محمد كان يُسمى أبو القاسم. الاقتباس التالي تفسير الاية 15: 20 من سفر الخروج:
وبغض النظر عن طريقة اكتسابها اللقب، بما ان ام المسيح سُميت عليها واخذت اسمها، فبالضرورة ان تأخذ كنيتها ايضا. وافترض مثلا ان لديك صديق اسمه داود، اقترف عملا شنيعا، فقلت له موبخا: ماذا فعلت يا دواد، جبت المشاكل لنفسك يا ابو سليمان. والسبب هو ان كل داود ابو سليمان، وليس لان لديه ابن اسمه سليمان. وكذلك كل مريم اخت هارون، وليس ام المسيح فقط. يا مريمُ لقد جئتِ شيئا فريا... وضعكِ خطير يا اخت هارون. واذا كان لديك الان طفلة صغيرة سميتها مريم، فبإمكانك ان تناديها اخت هارون،
تعطيها كنية مريم الاصلية التي كانت تُدعى اخت هارون. وهكذا كان اهل مريم ام المسيح
ينادونها في البيت، اخت هارون. يفترض المسيحيون ان اسم ابوها أول من كتب اسم يواقيم هو مؤلف انجيل يعقوب (الانجيل الطفولي). يعود تاريخ هذا الانجيل لمنتصف القرن الثاني الميلادي. ولو كان اسم يواقيم معروفا في فترة سابقة لكتبه لوقا أو متّى، ولكنهم لم يكتبوه، وعلى النقيض من ذلك، فقد اختلفوا في سلسلة نسب يسوع نفسه، والسبب هو ان لوقا ومتى كتبوا اناجيلهم كلٍ على حدة، دون ان يعلم احدهم بما يكتب الاخر، فأتوا بنتيجة مختلفة. فاذا كان الاختلاف قد حصل في سلسلة نسب الشخص الذي دارت حوله الاحداث، فما هو الغريب ان يجهلوا اسم جده وجدته؟ ظهرت نظرية في القرن السادس عشر تقول ان النسب الموجود في انجيل لوقا هو نسب يسوع لأمه، بينما النسب الموجود في انجيل متّى هو نسب زوجها يوسف من جهة ابوه الحقيقي، وان هالي الذي ذكره لوقا هو نفسه يواقيم.. كل هذا الكلام مجرد رأي، قال به صاحبه من اجل التغلب على مشكلة اختلاف النسب بين لوقا ومتّى. انجيل يعقوب لم ينل صفة القانونية، ومُصنف في خانة اناجيل الهرطقة، فكيف تأخذون منه الاسم وتتركون الباقي؟ ربما يقول قائل ان مؤلف الانجيل ليس له مصلحة في تغيير الاسم.. هو لم يُغير الاسم، ولكن لم يكن يعرفه، ربما التبست عليه الاسماء فاختار هذا الاسم من بينهم، أو انه شاع بين الناس كـ "لقب" بعد ان اصبحت ليسوع شهرة. اسم يواقيم يعني اقامه الله (raised by Yahweh)، اقامه يعني رفع شأنه. الطريقة التي رفع بها شأنه هي ان جعل له حفيدا ذو شأن عظيم، وهكذا جاء اللقب. في الوقت الذي ظهر فيه اسم يواقيم لم توجد تلك النظرية القائلة ان هالي ويواقيم شخص واحد، وظهرت في القرن السادس عشر، ولو كانت النظرية موجودة قبل اصدار انجيل يعقوب، لأخذوا بها ورفضوا اسم يواقيم الذي كتبه انجيل يعقوب، الانجيل الابوكريفي، ولكن بعد ان اعتمدوا الاسم واصبحوا يسمون ابنائهم به كان لابد من محاولة التوفيق بين الاسمين، هالي ويواقيم. الان بدأت بعض الطوائف المسيحية ترفض انجيل يعقوب جملة وتفصيلا.. الاقتباس التالي من موقع كاثوليكي:
هذا الاقتباس ليس من موقع علماني او ليبرالي، وانما من موقع كنسي.. يرفض انجيل يعقوب بكل ما فيه، وهو منطق سليم، وكيف لهم ان يرفضوا القصة بكل تفاصيلها بينما يتمسكون بالاسماء فقط؟ ومع ذلك لا يبدو انهم يُمانعون من استخدام الاسمين كعناوين رمزية عند الاشارة الى والد مريم ووالدتها. مؤلف انجيل يعقوب لم يكتفي فقط باقتباس القصة من العهد القديم، ولكن ايضا جعل اسم امها حنه، وذلك على ما يبدو للفت الانتباه بشكل عنيف الى قصة حنه ام النبي صاموئيل.. يعني انظروا التشابه الرهيب بين هذه الحنة وتلك، حنة الاولى انجبت نبي، وهذه انجبت سيدة نساء العالم. وهكذا نرى ان الاسمين يواقيم وحنه لا يتعدان كونهما فرضية فقط على احسن الاحوال، والاحتمال في خطأها كبير.
|