حقائق خفية في القرآن والتاريخ

Script:DoSizeHdr

Start of Body

حتى إذا لقيا غلاما فقتله... تطبيقا لشريعة موسى!

تأليف: عيسى عبدالرحمن السركال
الشارقة، الامارات العربية المتحدة
تاريخ النشر: 24 اكتوبر 2019  (اخر تحديث: 12 ديسمبر 2019)

Script:PrintURL


وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين


ملخص:  "إذا كان لرجل ابن معاند ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه ويؤدبانه فلا يسمع لهما... فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت" (تثنية 21: 18 21)

لا يعلم الغيب الا الله، لا نبي ولا رسول ولا ملاك ولا أي مخلوق آخر، "عالمُ الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدا" (الجن 26)، وان كان هناك من استثناءات، فهي التي ذكرتها الاية: "إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا" (الجن 27)، هذا الاستثناء يخص الرسول فقط ، وهو من باب تأكيد رسالته، كأن يخبره بأمرٍ مستقبلي ثم يتحقق، ليعلم الناس صدق الرسالة، وهذا النبأ المستقبلي الذي اعطاه الله للرسول لا يمكن ان يكون فيه مخالفة شرعية، كمصادرة حقوق الاخرين بغير حق، أو قتل انسان خارج نطاق القانون.. وبناءا على هذه الايات الصريحة التي لا تقبل التأويل فإن أي شيئ يبدو ظاهريا من علم الغيب فإنه في الحقيقة غير ذلك، ويستوجب البحث عن السبب.

العبد الصالح الذي رافقه النبي موسى اعطاه الله علما: "وعلمناه من لدنا علما" (الكهف 65)، هذا العلم لابد انه من العلوم التي يتفاوت في معرفتها البشر، وليس علما استثنائيا خصه الله به دون سواه، وهو على ما يبدو علم تفسير الاحلام، ففي سورة يوسف يقول تعالى: "ولما بلغ أشده آتيناه حُكمًا وعلما" (يوسف 22) ، والعلم الذي اشتهر به يوسف هو تفسير الاحلام "ويعلمك من تأويل الأحاديث" (يوسف 6)، وبالمقارنة نجد ان العبد الصالح عرف ان تحت الجدار المتصدع كنز، فكيف اوصل الله له هذه المعلومة؟ وبما ان الايات لم تقل انه نبيا ولا رسولا حتى نفترض انه اتاه وحي مباشر، فلم يبقى الا الرؤيا الصادقة، فربما رآى في المنام رؤيا، أو رآها غيره، وهو فسرها.

الغلامين اصحاب الجدار المتصدع يسكنان في المدينة، مدينة الرجل الصالح التي انطلق منها مع موسى في رحلتهما، وليس في القرية التي فيها الكنز، القرية التي استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، والظاهر انه منزل مهجور في قرية نائية كان يملكه اباهما المتوفي.

"فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه..." (77)
"وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا..." (82)

الحياة تسير على قوانين.. الرجل المتوفي دفن الكنز تحت الجدار في قرية نائية ولم يخبر عنه احد، ثم ارسل الله الرجل الصالح لترميم الجدار، وبعد ان يبلغ الطفلين سن الرشد سيحدث الله أمرا يجعلهما يستخرجا كنزهما. وبما ان الاب رجل صالح، فالاحتمال انه دعا الله ان يوصل الكنز لورثته فاستجاب الله دعاؤه.


غلام: "صبيُّ حين يولد إلى أن يَشبّ أو حين يقارب سنَّ البلوغ" -- القاموس المحيط ، موقع المعاني
https://www.almaany.com/...

تقول الاية في قصة الجدار المتصدع: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة"، نفس المصطلح استخدم هنا، "غلام"، اذن الغلام هو الشخص الذي لم يبلغ الحلم.

طبقا لشريعة موسى فإنه يجوز قتل الابن المعاند لوالديه، المتمرد على اوامرهم، أو الذي يسبهم، حتى وإن كان غلاما لم يبلغ الحلم.. يشتكي عليه ابويه الى شيوخ مدينته، ويُعطى الفرصة للدفاع عن نفسه، ويُحكم بالاعدام اذا ثبتت التهمة -- (تثنية 21: 18 - 21 ، لاويين 20: 9 ، خروج 21: 17).

ما يدل على هذا التفسير هو استخدام العبد الصالح لصيغة الجمع في قوله "فخشينا" ، "فأردنا" ، بما يعني ان قرار الاعدام اتخذته جماعه، وهو احدهم، بعكس تعابيره الاخرى، فقد قال في شأن السفينة: "فأردت ان أعيبها" ، قرار اتخذه بنفسه واجتهاد منه يحتمل الخطأ والصواب.. وقال عن الجدار: "فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما" ، وهذه ارادة الله، فكان التعبير: فأراد ربك ، وقد سبق الحديث عن الجدار في فقرة سابقة، وانها رؤيا صادقة رآها في المنام او رآها غيره وهو فسرها.

"فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقربَ رُحما" وهذا لا يعني بالضرورة ان ارادتهم سوف تتحقق.. هذه ارادة بشرية، بمعنى القصد أو النية، كقوله تعالى: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا"  (البقرة 228)، أي ان نيتهم الاصلاح، ولكن الاصلاح لن يتحقق اذا تدخلت عوامل اخرى ومنعته، ["الإرادة طلب النفس حصول شيء وميل القلب إليه" -- تفسير ابن عاشور] ، وعندما يريد الانسان شيئا يتخذ اجراءات لتحقيقه، ولا يحدث هكذا بطريقة تلقائية، والاحتمال انهم دعوا الله ان يرزق الابوين ابنا آخر أفضل منه، هذا هو الاجراء المحتمل الذي يمكن ان يتخذوه، وارادتهم مرهونة بإرادة الله.

"فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا" -- خشينا: أي انهم لم يكونوا متأكدين انه سيرهقهما طغيانا وكفرا، وما كان اعدامه الا من باب الاحتياط فقط ، وهذا طبعا يسري على كل طفل حُكم عليه بالاعدام في شريعة موسى.

وقال عن السفينة: "فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا"، وربما ما قام بفعله لن يصرف الملك عن مصادرة السفينة، الملك يأخذ كل سفينة غصبا، ولا يوجد في النص انه يترك السفن المخروقة، وعلى هذا فإن السفينة لا تزال مُعرضة للمصادرة، وعلى أي حال فإن الخرق لن يضر اصحاب السفينة إذا لم ينفعهم.

عندما تحدث عن الغلامين اليتيمين قال "اراد ربك"، هذه ارادة الله وسوف تتحقق.

بالنسبة للمكان الذي وقعت فيه هذه القصص الثلاث فهو على الارجح في فلسطين، في مدينة الرجل الصالح الذي قابله موسى.. مجمع البحرين الذي ذكرته الاية من المحتمل انه مصب نهر الاردن في البحر الميت.. نسيا حوتهما يعني نسيا سمكتهما، سمكة موسى وفتاه، السمكة التي أرادا أكلها عند الغداء، "قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا".

النبي موسى تفاجأ بالحادث بعد ان راى ما بدا له وكأنه جريمة قتل، فلم يتمالك نفسه، وفي لحظة طغت فيها العواطف على العقل، قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس، بناءا على المفهوم السائد: العين بالعين والسن بالسن والنفس بالنفس، وإلا فإن شريعة موسى تجيز الاعدام في 18 حالة، وليس فقط النفس بالنفس.

الموسوعة اليهودية: عقوبة الاعدام
http://www.jewishencyclopedia.com/...

أحد الحالات التي يجوز فيها تطبيق عقوبة الاعدام هي حالة الابن المعاند لوالديه، حتى وإن لم يبلغ الحلم!

  سفر التثنية
21: 18  إذا كان لرجل ابن معاند ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه ويؤدبانه فلا يسمع لهما.
21: 19  يمسكه أبوه وأمه ويأتيان به إلى شيوخ مدينته وإلى باب مكانه.
21: 20  ويقولان لشيوخ مدينته: ابننا هذا معاند ومارد لا يسمع لقولنا وهو مسرف وسكير.
21: 21  فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت. فتنزع الشر من بينكم ويسمع كل إسرائيل ويخافون.

لاحظ كلمة "يؤدبانه" في الاية (21: 18)، أول آية، هذه الكلمة لا يمكن ان تصح الا على الغلام الذي لم يبلغ الحلم.. واخيرا: فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت (21:21). ولنفترض انهم حكموا عليه بالاعدام ولكن استطاع الهرب.. واذا حكم قاضي على مجرم بالقتل ولكن هرب من السجن، فهل تسقط العقوبة؟ النص اعلاه يتحدث عن افضل السبل في تنفيذها، وان لم تتوفر، فيمكن تنفيذ العقوبة بطرق أخرى.. وفي الرابط من الموسوعة اليهودية في الاعلى، يمكن لشخص واحد ان ينفذ عقوبة الرجم، وذلك بإلقاء صخرة على المدان، والاحتمال في قضية الغلام انه هرب، ثم لقيه العبد الصالح فقتله بحجر، لأن عقوبته الرجم.

"كل انسان سب اباه او امه فانه يُقتل. قد سب أباه أو أمه دمه عليه." (لاويين 20: 9)

"ومن شتم اباه او امه يقتل قتلا." (خروج 21: 17)

وفي العهد الجديد، يقول يسوع: "فإن الله أوصى قائلا: أكرم أباك وأمك ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتا" (متّى 15: 4).

 

هل الكتاب المقدس يقول فعلا أنه ينبغي على الأبوين رجم أطفالهم المتمردين؟
Does the Bible really say that parents should have their rebellious children stoned?
https://www.gotquestions.org/...
جواب: هذا  احد الاسئلة التي الاجابة عليها "نعم، ولكن..." أسئلة تتطلب شرحا جادا. لاويين 20: 9 يقول، "أي انسان يلعن أباه أو أمه فلابد ان يُقتل، لقد لعن أباه أو أمه، فدمه عليه."

أولاً ، ملاحظة عن الجزء الأخير من الآية. "دمه عليه" تعني في الأساس أنه أتى بهذه العقوبة على نفسه. كان يعرف ما كان من المفترض أن يفعله ، ولم يفعل ذلك. من المهم أيضا أن نتذكر أن شريعة موسى كانت لشعب عهد الله، إسرائيل، الذين يعيشون في ثيوقراطية. قانون العهد القديم ليس سارياً اليوم (رومية 10: 4 ؛ غلاطية 3: 23-25 ؛ أفسس 2: 15).
. . .

Answer: This is one of those "Yes, but…" questions that require serious explaining. Leviticus 20:9 says, "If there is anyone who curses his father or his mother, he shall surely be put to death; he has cursed his father or his mother, his bloodguiltiness is upon him."

First, a note on the last part of the verse. "His bloodguiltiness is upon him" basically means that he brought this punishment on himself. He knew what he was supposed to do, and he didn’t do it. Also, it is important to remember that the Mosaic Law was for God’s covenant people, Israel, living in a theocracy. The Old Testament Law is not in force today (Romans 10:4; Galatians 3:23–25; Ephesians 2:15).
. . .


اقتباس من صفحة أخرى مختصة في الكتاب المقدس:

"كيف لك ان تقول ان كل ما في الكتاب المقدس وحي إلهي عندما نقرأ فقرة كهذه: إذا كان لرجل ابن معاند ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه..." (تثنية 21: 18 - 21)

"إذا قمتُ بتربية أطفالي وفقًا لهذا الكتاب فسوف يكون مصيري السجن. يُرجى التوضيح كيف لنا ان نعتبر هذا الكتاب هو الحق؟"

"How can you say all Scripture is divinely inspired when we read passages like the following: If a man has a stubborn and rebellious son who does not obey his father and mother..." (Deuteronomy 21:18-21)

"If I raised my kids according to this Scripture I would be jailed. Please explain how this can be considered truth."
https://www.crosswalk.com/...


عند البحث في هذا الموضوع وجدنا بعض الصفحات تحاول التقليل من شأن عقوبة رجم الاطفال بالقول ان الكتاب المقدس لم يذكر حالة واحدة تم فيها تنفيذ العقوبة.. القضية هي ان القانون موجود، ويجوز تطبيقه في اي زمان ومكان، والامر اولا واخيرا يعود لأبويه، فإذا لم يشتكيا عليه فلن يؤخذ عنوة ويُقتل.. بالاضافة لذلك فإن الكتاب المقدس نادرا ما يسجل قضايا المحاكم والعقوبات.

الاقتباس التالي من موقع يهودي، يحدد فيها عمر الطفل في حدود 13 سنة:

يجب أن يكون "الابن" كبيرًا بما يكفي لتحمل المسؤولية الجنائية ، ان يبلغ من العمر 13 سنة (انظر * قانون العقوبات)، ولكن يجب أنه لايزال "ولدا" وليس رجلا.
The "son" must be old enough to bear criminal responsibility, that is 13 years of age (see *Penal Law), but must still be a "son" and not a man.
https://www.jewishvirtuallibrary.org/...

 

بمطالعة التفاسير في موقع الباحث القراني نجد ان مؤلف تفسير فتح القدير (الشوكاني) يفترض ان ما فعله العبد الصالح حلال في شريعة اخرى.. قال هذا دون ادنى اشارة الى شريعة موسى، بما يدل على انه لم يطلع عليها، ولكن هذا هو المنطق السليم، لايمكن للمشرع (الله) ان يخالف شرائعه بأي طريقة كانت، وذلك ان المخالفات لها توابع سلبية.. ولنفترض ان العبد الصالح سألوه عن الجريمة، فهل سيقر بارتكابها او انه سيكذب؟ فإذا اقر فسيكون مصيره الاعدام، واذا كذب فقد ارتكب مخالفة اخرى.. لا تستقيم المجتمعات على هذا النحو، إلا ان ما فعله الرجل لابد انه قانون رسمي ساري المفعول في تلك المدينة.

"وأمّا إذا كانَ الغُلامُ صَبِيًّا غَيْرَ بالِغٍ، فَقِيلَ: إنَّ الخَضِرَ عَلِمَ بِإعْلامِ اللَّهِ لَهُ أنَّهُ لَوْ صارَ بالِغًا لَكانَ كافِرًا يَتَسَبَّبُ عَنْ كُفْرِهِ إضْلالُ أبَوَيْهِ وكُفْرُهُما، وهَذا وإنْ كانَ ظاهِرُ الشَّرِيعَةِ الإسْلامِيَّةِ يَأْباهُ، فَإنَّ قَتْلَ مَن لا ذَنْبَ لَهُ ولا قَدْ جَرى عَلَيْهِ قَلَمُ التَّكْلِيفِ لِخَشْيَةِ أنْ يَقَعَ مِنهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ما يَجُوزُ بِهِ قَتْلُهُ لا يَحِلُّ في الشَّرِيعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ، ولَكِنَّهُ حَلَّ في شَرِيعَةٍ أُخْرى، فَلا إشْكالَ."
تفسير فتح القدير، الاية: وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين...
https://furqan.co/fath-alqadeer/18/80


بالبحث عن الاراء على موقع يوتيوب وجدنا تسجيل للدكتور محمد شحرور يقول فيه ايضا ان قتل الغلام كان جائزا في شريعة موسى:
https://www.youtube.com/...

حكم الاعدام يصدره شيوخ المدينة، وهذا بالضبط ما تدل عليه صيغة الجمع في الايات القرآنية (فخشينا، فأردنا): "وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ۞  فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما".

"وكان أبواه مؤمنين" -- الايمان عكس الكفر، بما يعني ان الغلام لم يكن مؤمنا.. "فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما" -- واقرب رحما: وهذا يدل على انه كان قاسيا على ابويه ولا يحترمهما.. ومن الطبيعي ان يُقدّما له النصح، ويؤدبانه اذا لزم الامر، ولكنه لم يسمع لهما، تمرد على امرهما.. أخيرا، وبعد ان فشلت كل المحاولات معه، تقدم الابوين بشكوى ضده لدى شيوخ المدينة، فحُكم بالاعدام، حتى لا يرهقهما طغيانا وكفرا.. استطاع الهرب.. لقيه الرجل الصالح فقتله، تفيذا للحكم الصادر ضده.

قول العبد الصالح "وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا" (82) -- أمري في هذه الاية تعني شأني، وليس أمر الله، بمعنى ان الله أمره أمر مباشر بالقيام بتلك الاعمال التي عملها.. نفس المصطلح استخدمه النبي موسى: "قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا" -- ["الأمر: الشأن... أي لا تجعل شأني إرهاقك إياي عسرا" -- تفسير ابن عاشور]، فكيف يمكن اعطاء المصطلح معنييين مختلفين اذا لم يكن في النص ما يرجح المعنى الاول على الثاني؟ النقطة هي ان الله لا يعطي أوامر مباشرة الا للانبياء والرسل فقط ، وما يقوم به سواهم من اعمال فهي اختيارية.. الذين حملوا معنى كلمة "امري" على انه امر من الله بنوا افتراضهم على قتل الغلام، فإراقة الدم لا يجوز الا بشريعة، ولا يبدو انهم قد اطلعوا على شريعة موسى، فافترضوا انه وحي، وبالتالي فسروا كلمة "أمري" بما تعني أمر الله، ثم حملوا الامر على كل ما فعله الرجل من خرق السفينة واصلاح الجدار على هذا المعنى حتى يستقيم التفسير، وإلا فإنه لا يوجد في النص ما يدل على ان كلمة "امري" تحمل معنيين مختلفين في كلا الايتين.

هل كان العبد الصالح اسمه الخضر؟ لم يذكر القرآن اسمه.. نُسبت الى شخصية الخضر صفات لا تنطبق على البشر، وانه احد ابناء آدم، وباقٍ على قيد الحياة من زمن آدم الى يومنا هذا، وحتى قيام الساعة. اذا كانت هذه صفاته فهي اعظم من اصلاح جدار متهدم أو خرق سفينة، والمفروض ان يذكرها القران، فكيف يذكر الامور الصغيرة ويترك الشيئ العظيم؟ ولكن الظاهر ان شخصية الخضر خرافة.. العبد الصالح انسان عادي على دين موسى، عاش ومات في تلك الفترة، "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" (الانبياء 34).

دين الله واحد من حيث المبادئ الاساسية كالتوحيد والايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر، ولكن الشرائع (القوانين) تختلف: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم" (المائدة 48)، السبب في تعدد الشرائع هو ما ذكرته الاية "ليبلوكم [ليختبركم] في ما آتاكم"، لذا فلا عجب ان تبيح شريعة موسى شيئا تحرمه شريعة محمد، والعكس صحيح.. وبهذه الفقرة نصل الى نهاية المقال.

End of Body

Script:DoPrintDlg